![]() |
الأول: في سبب وروده. |
![]() |
الثاني: في معنى الأحرف. |
![]() |
الثالث: في المقصود به هنا. |
![]() |
الرابع: ما وجه كونها سبعة. |
![]() |
الخامس: على أي شيء يتوجه اختلاف هذه السبعة؟ |
![]() |
السادس: على كم معنى تشتمل هذه السبعة. |
![]() |
السابع: هل هذه السبعة متفرقة في القرآن الكريم؟ |
![]() |
الثامن: هل المصاحف العثمانية مشتملة عليها؟ |
![]() |
التاسع: هل القراءات التي بين أيدي الناس اليوم هي السبعة أم بعضها؟ |
![]() |
العاشر: ما حقيقة هذا الاختلاف وفائدته؟ |
![]() |
قال الإمام ابن الجزري -رحمه الله تعالى-: وأما حقيقة اختلاف هذه السبعة الأحرف المنصوص عليها من النبي -صلى الله عليه وسلم- وفائدته، فإن الاختلاف المُشار إليه في ذلك هو اختلاف تنوّع وتغاير لا اختلافَ تضادّ وتناقض، فإن هذا محالٌ أن يكون في كلام الله تعالى قال تعالى: (( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا )) [النساء: 82] وقد تدبَّرنا اختلاف القراءات كلها فوجدناه لا يخلو من ثلاثة أحوال: |
![]() |
أحدها: اختلاف اللفظ والمعنى واحد. |
![]() |
الثاني: اختلافهما جميعًا مع جواز اجتماعهما في شيء واحد. |
![]() |
الثالث: اختلافهما جميعًا مع امتناع جواز اجتماعهما في شيء واحد، بل يتفقان من وجهٍ آخر لا يقتضي التضادّ. |
![]() |
فأما الأول: فكالاختلاف في "الصراط" و"عليهم"، و"يؤدي"، و"القدس"، و"يحسب"، ونحو ذلك مما يُطلق عليه أنه لغات فقط، يقصد -رحمه الله تعالى- كالاختلاف في الصراط أي: من حيث قراءتها بالصاد وبالسين وبالإشمام، وعليهم من حيث قراءتها بالكسر أو بالضم بالنسبة لحمزةَ ويعقوب، ويؤدي بالقراءات الواردة فيها مِن قصر ومد وإسكان، والقدس من حيث إسكان الدال وضمها، ويحسب من حيث كسر السين وفتحها. |
![]() |
ثم قال -رحمه الله-: "وأما الثاني فنحو: (( مَالِكِ )) [الفاتحة: 4] و"ملك" في الفاتحة؛ لأن المراد في القراءتين هو الله تعالى؛ لأنه مالك يوم الدين وملكه، وكذا: (( يَكْذِبُونَ )) [البقرة: 10] ويُكذِّبون، أي: في قراءتها بالتخفيف والتشديد؛ لأن المراد بها هم المنافقون؛ لأنهم يُكذبون بالنبي -صلى الله عليه وسلم- ويَكذبون في أخبارهم. وكذا: (( كيف ننشرها )) [البقرة: 259] بالراء والزاي (( وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا )) [البقرة: 259] والقراءة الأخرى: "كيف ننشرها" وننشرها ذاكٍ وبالراء غيرهم؛ لأن المراد بها هي العِظام، وذلك أن الله أنشرها أي: أحياها وأنشزها أي: رفع بعضَها إلى بعض حتى التأمت، فضمن الله تعالى المعنيين. |
![]() |
وأما الثالث فنحو: (( وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا )) [يوسف: 110] بالتشديد والتخفيف، فتُقرأ بالتخفيف هكذا: (( وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا )) وبالتشديد: "قَدْ كُذِبُوا" وكذا: (( وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ )) [إبراهيم: 46] بفتح اللام الأولى ورفع الأخرى، وبكسر الأولى وفتح الثانية؛ فالكسائي يقرؤها هكذا: "وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لَتزُول منه الجبال" وباقي القراء يقرءونها: (( لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ )) . وكذا: (( لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا )) [النحل: 110] و"فتنوا" بالتسمية والتجهيل. وكذا: (( قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ )) [الإسراء: 102] بضم التاء وفتحها. |
![]() |
ثم ذكر -رحمه الله تعالى- بعض الأمثلة للقراءات الشاذة فقال: "وكذا قرئ شاذًّا "وهو: (( يطعم ولا يطعم )) [الأنعام: 14] عكس القراءة المشهورة، وكذلك: "يطعم ولا يطعم" على التسمية فيهما؛ فإن ذلك كله وإن اختلف لفظًا ومعنًى، وامتنع اجتماعه في شيء واحد، فإنه يجتمع من وجهٍ آخر يمتنع فيه التضاد والتناقض. فأما وجه تشديد: "كُذبوا" فالمعنى: وتيقن الرسل أن قومهم قد كذبوهم، ووجه التخفيف وتوهم المرسل إليهم أن الرسل قد كذبوهم فيما أخبروهم به؛ فالظن في الأولى يقين والضمائر الثلاثة للرسل، والظن في القراءة الثانية شكّ، والضمائر الثلاثة للمرسل إليهم. وأما وجه فتح اللام الأولى ورفع الثانية من: "لتزول" فهو أن يكون أن مخففة من الثقيلة أي: وإن كان مكرهم كان من الشدة بحيث تُقتلع منه الجبالُ الراسيات من مواضعها، وفي القراءة الثانية إنْ نافية أي: ما كان مكرهم وإن تعاظم وتفاقم ليزول منه أمرُ محمد -صلى الله عليه وسلم- ودينُ الإسلام؛ ففي الأولى تكون الجبال حقيقةً، وفي الثانية مجازًا. |
![]() |
وأما وجه قراءة: (( مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا )) على التجهيل فهو أن الضمير يعود على "الذين هاجروا" وفي التسمية يعود إلى "الخاسرين" وأما وجه ضمّ تاء: (( عَلِمْتَ )) على قراءة الكسائي: "قال لقد علمتُ" فإنه أسند العلمَ إلى موسى -عليه السلام- حديثًا منه لفرعون، حيث قال: (( إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ )) [الشعراء: 27] فقال سيدنا موسى -عليه السلام- على نفسه: (( لَقَدْ عَلِمْتُ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ )) [الإسراء: 102] فأخبر موسى -عليه السلام- عن نفسه بالعلم بذلك أي: أن العالِم بذلك ليس بمجنون، وقراءة فتح التاء أنه أسند العلمَ لفرعون مخاطبةً من سيدنا موسى له بذلك على وجه التقريع؛ لشدة معاندته للحق بعد علمه، وكذلك وجه قراءة الجماعة: "يُطعموا" بالتسمية "ولا يُطعَم" على التجهيل، أن الضمير في "وهو" يعود إلى الله تعالى أي: والله تعالى يرزق الخلقَ ولا يرزقه أحد. والضمير في عكس هذه القراءة يعود إلى الولي أي: والولي المتخذ يُرزق ولا يرزق أحدًا، والضمير في القراءة الثالثة وهي القراءة الشاذة: "وهو يطعم ولا يطعم" يعود إلى الله تعالى أي: والله يطعم مَن يشاء ولا يطعم من يشاء. |
![]() |
قال الإمام ابن الجزري -رحمه الله تعالى- بعد ذلك: قلت: وإلى ذلك أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال لأحد المختلفين: (( أحسنتَ )) وفي الحديث الآخر: (( أصبت )) وفي الآخر: (( هكذا أنزلت )) فصوَّب النبي -صلى الله عليه وسلم- قراءةَ كلٍّ من المختلفين، وقطَعَ بأنها كذلك أنزلت من عند الله. |